أغلبنا دائمًا يستخدم عقله في فهم المواقف وفي الاختيار وفي القرار ولكن القليل منا الذي يستخدم قلبه، فيقول على أمر ما، قلبي غير مطمئن أو يقول برغم كل الاغراءات قلبي لم يستريح، ولكن أغلب الذين يقولون أو يفعلون ذلك في الأمور المادية الحياتية، كالمشاريع أو الإنفاق أو أي شئ يتعلق بالمادة كقيمة نقدية، والقليل منا من يعلق الأمر على الشعور بل أغلب الناس يستعملون الألة الحاسبة ودارسات الجدوى.
أما ما يحتاج لقرارات إنسانية فالبعض يستخدم عقله ودراسة أين تكون المصلحة وأين المكسب سواء أكان ماديًا أو معنويًا، والبعض منا من يستخدم قلبه مع عقله في كافة الأمور، ولكن الندرة من يستعمل قلبه في كل أمر وفي القرارات جميعها وأنا من هؤلاء .
فأنا ارتاح لقرار القلب، وارتضيه مهما كانت النتائج، ولا أشعر بالندم، أما حديثي هنا فهو في مسائل الإيمان هل يكون الإيمان بالقلب، بالرغم من استعمال العقل والمنطق في الوصول إلى وجود الخالق، أم أن الإيمان مقره القلب أو هما معًا ?
لقد قال الله تعالى في كتابه ( أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها فإنها لا تعمي الأبصار ولكن تعمي القلوب التي في الصدور) صدق الله العظيم، فقد جعل الخالق القلوب يعقلون بها، ومن وجهه نظري فإن الفرق بين الإيمان بالعقل والإيمان بالقلب . أن العقل يحتاج إلي دليل لكي يصدق ولكي يحكم ولكي يقتنع، ولكن القلب لا يحتاج إلي كل ذلك.
القلب يشعر ويشعر حتي لو كان علي البعد ويشعر حتي ولو بدون أدلة ولا براهين، القلب يطمئن والقلب يخاف بالرغم من أن العين والعقل لا يجدان مبررا للإطمئنان أو للخوف، القلب يتعامل بقوة أكبر من قوة العقل وأبعد مدي في حياتنا وفي إيماننا وفي صداقاتنا وفي كل ما حولنا، والكثير منا من يصدق أو يكذب بعقله، ولكن من يصدق او يكذب بالقلب فليسوا كثيرون، يفعل ذلك فقط من وهبه الله القدرة أو من أنعم عليه بنعمه كبري.
اتذكر اننا عندما كنا ننظر للسماء ونجد السحاب كنا نعتقد ان السحاب في السماء وعندما كنت بالطائرة ورأيت السحاب أسفل الطائرة وتذكرت قول الله سبحانه وتعالي ( والسحاب المسخر بين السماء والأرض ) وعندما كنت أدرس بالمدرسة علمت ان الرياح تأخذ حبوب اللقاح إلي النباتات وتذكرت قوله تعالي ( وأرسلنا الرياح لواقح ) .
وعندما قرأ المسلمون الأوائل القرآن الكريم، في قوله ( والبحر المسجور )، عجزت العقول علي فهم ان يكون تحت كل هذا الكم الهائل من الماء نار مسجورة قوية، ولكن القلوب المؤمنة قالت طالما الله سبحانه وتعالي قال شيئًا فهو حقيقة حتي ولو لم يروه وحتي ولو كان خارج نطاق العقل والمنطق، وذلك لأن العقل البشري قاصر وعاجز عن إدراك قدرة الخالق. .
نعم خاطب القرآن الكريم العقول، ونعم لقد طالب سيدنا إبراهيم عليه السلام، من ربه ان يريه كيف يحيي الموتي و لكن عندما قال له الخالق جل وعلا أو لم تؤمن ؟ قال : بلا ولكن ليطمئن قلبي )، ما قال ليطمئن عقلي، لذلك قال الرسول صلي الله عليه وسلم ( الإيمان ما وقر في القلب وصدقه العمل )، ما قال الإيمان بالعقل لأن العقل مهما وصل فهو عاجز ولأن العلم كل يوم في تطور وما نقنع أنه الأن موجود سيأتي من بعدنا من يخترع غيره .
لذلك القلوب التي تبصر هي أنقى القلوب وأكثرها إيمانًا وراحًة ورضاءًا لأنها تشعر بالإطمئنان في كل الأمور مهما كان ظاهرها مقلقًا، فاللهم أرزقنا قلوبًا مؤمنة بك راضية دائمًا بما قدرت لأنك أنت الأعلم.
موضوعات متعلقة :