مع اقتراب ماراثون الانتخابات البرلمانية 2025، تشهد دوائر شمال محافظة قنا حالة من الحراك السياسي غير المسبوق، وتحديدًا بين قبائل العرب والهوارة، في ظل الاستعدادات المبكرة لخوض غمار انتخابات مجلس الشيوخ، والتي من المتوقع أن تسبق انتخابات مجلس النواب بحسب الجدول الزمني المرتقب.
القبائل تتحرك مبكرًا.. مشاورات وتربيطات
في مراكز دشنا، نجع حمادي، الوقف، وفرشوط، وأبوتشت، لا صوت يعلو فوق صوت الانتخابات، القبائل الكبرى بدأت بالفعل في عقد الاجتماعات المغلقة لتحديد المرشحين المحتملين، وإجراء ما يُعرف بـ”التربيطات الانتخابية” لتقليل عدد المتنافسين من نفس القبيلة، وضمان تماسك الكتلة التصويتية.
قبائل العرب في نجع حمادي وأبوتشت والوقف تدرس الدفع بأسماء لها ثقل قبلي وشعبي، بينما تتحرك الهوارة بخطة استراتيجية معتمدة على إرث انتخابي طويل وقدرات تنظيمية كبيرة.
الانتخابات البرلمانية في قنا.. مشهد لا يخلو من التعقيد
محافظة قنا، بطبيعتها القبلية المعقدة، تُعد واحدة من أكثر المحافظات سخونة انتخابيًا، حيث لا تتحكم الأحزاب وحدها في المشهد، بل تتداخل الاعتبارات القبلية والدينية والشخصية لتنتج خريطة انتخابية فريدة من نوعها.
ففي الشمال القنائي، غالبًا ما تكون المنافسة محتدمة بين مرشحي القبائل الكبيرة، بينما يُترك للأحزاب هامش ضيق للمناورة، ما لم يتحالفوا مع أحد الرموز المحلية المؤثرة.
الملف القبطي.. انتظار وترقب
على الجانب الآخر، ينتظر الناخبون الأقباط حسم موقف الكنيسة، وسط تساؤلات حول إمكانية الدفع بمرشح قبطي مستقل أو دعم شخصية حزبية، خاصة أن الصوت القبطي له تأثير قوي في بعض الدوائر، لكنه غالبًا ما يتعامل ببراغماتية مع الواقع القبلي الموجود.
مجلس الشيوخ أولًا.. سباق الكبار
تتجه الأنظار أولًا إلى انتخابات مجلس الشيوخ، والتي تشهد عادةً مشاركة كبار العائلات والرموز القبلية والاقتصادية، بوصفه مجلسًا يرتبط بالنخبة السياسية وتُجري القبائل مشاورات مكثفة لاختيار شخصية تُجمع عليها وتتمتع بقبول واسع داخل وخارج القبيلة.
وفي ظل وجود أكثر من تيار داخل كل قبيلة، يبدو أن الوصول إلى توافق سيكون صعبًا، وربما تنشأ تحالفات غير تقليدية بين قبائل متنافسة أو تيارات سياسية متباينة.
المشهد مفتوح على كل الاحتمالات
حتى الآن، لا تزال الأمور ضبابية، فلا أحد حسم ترشحه رسميًا، ولا يزال الجميع في مرحلة “جس النبض”، لكن المؤكد أن شمال قنا يسير نحو واحدة من أكثر المعارك الانتخابية اشتعالًا في تاريخه، وسط بيئة قبلية شديدة الحساسية وتنافسية لا تهدأ.