سنوات مضت على تجديد كورنيش النيل بمدينة نجع حمادي وتحوله إلى ممشى يضاهي المدن السياحية والمزارات، لكن أثناء المرور على جنباته تجد أن تأثير الزمن بات واضحًا جليًا، كأنما عمره تجاوز الخمسون عامًا، الأضرار التي لحقت بممشى نجع حمادي السياحي أصبحت هي العلامة المميزة له بعد أن كان مثلًا في التحضر وشاهدًا على التطوير.
يعاني كورنيش نجع حمادي من إهمال جسيم، ليس فقط على المستوى المعماري وتلفيات الإنشاء، لكن أيضًا من الظواهر التي انتشرت فيه وأصبحت علامة مميزة له، الممشى الذي يعتبر المتنفس الوحيد لأهالي المدينة، صار مرتعًا لأنشطة لم يكن من المفروض ممارستها فيه.
المكان الذي يشهد على تاريخ المدينة ويحكي أحداثًا ربما لم يرها أغلب قاطنو “النجع” أو يعاصروها، اليوم تجد على أرصفته ظواهر تجاهد الدولة المصرية بكافة أجهزتها على الحد منها، فتشاهد تحرشًا، وأطفال يسبحون في مياه النيل معرضين حياتهم للخطر دون رقابة من الوحدة المحلية.
ويبرز السؤال الأهم.. أين مسؤولو الوحدة المحلية لمركز نجع حمادي من الكورنيش، هل أصبح الكورنيش منطقة حرة لا سيادة لمجلس المدينة عليها، أم أن إهمالًا متعمدًا امتد لينال من أحد أهم مشروعات نجع حمادي التنموية، وقبل أن نحاول الإجابة على السؤال لنتجول قليلًا ونرصد ما يراه أي عابر سبيل على كورنيش النيل بنجع حمادي.
يستغل مجهولون جنبات الكورنيش في أنشطة غير مصرح بها من قبل مجلس المدينة، فانتشرت في الآونة الأخيرة “نصبات الشاي” ليصير من غير المستحب التجول في الكورنيش أثناء أوقات عملها، ليتحول المتنزه العام في نجع حمادي إلى منطقة مستغلة من قبل بعض الأشخاص في أنشطة خاصة تتنافى مع الهدف الأساسي لإنشاؤه وكونه مكانًا متاحًا لكل الأهالي دون التعرض لأية مضايقات.
ويشاع أن بعض هذه الأنشطة، لأنها متعددة، يعود إلى أحد الأندية النقابية الموجودة على النيل، ليشكل بهذا تربحًا غير قانوني من أحد المرافق العامة، وإن كان لابد من أنشطة ربحية تقام على كورنيش النيل، فمن الأجدر والأولى أن تكون الدولة متمثلة في مجلس المدينة هي القائم بإدارة هذه الأنشطة، ضمانًا لوجود رقابة تحمي رواد المكان وإضافة لموارد المدينة المالية، لكن عوضًا عن هذا تجد مسؤولي الوحدة المحلية في المدينة يغضون الطرف عما نشاهده كل يوم على المكان الأبرز في النجع.
وكما هو الحال في الكثير من الظواهر السيئة فلا تجد مبررًا عمليًا لهذا الإهمال والتنصل من المسؤولية دون إبداء أي أسباب أو دوافع لهذا التصرف، ففي الوقت الذي تسعى فيه الدولة المصرية بكافة أجهزتها وبقيادة حكيمة من الرئيس عبدالفتاح السيسي لتطوير المنظر العام لشوارع مصر بكافة محافظاتها، تشاهد نجع حمادي تسلك مسلكًا مختلفًا في هذا الصدد.
تحدثنا عن تحرش وتعدي على الأماكن العامة والتربح بغير وجه حق من ممتلكات الدولة المتاحة لكل المواطنين، لنقف بعد ذلك عند السؤال، أين هم مسؤولو نجع حمادي مما يحدث على كورنيش النيل.
المشروع الذي تكلف إنشاؤه ما يجاوز الـ18 مليون جنيه، أصبح متنفسًا لأنشطة لطالما حاولت الدولة الحد منها، بخلاف التلفيات الباهظة التي لحقت به دون مرور 10 سنوات على بناؤه، فبعد أن تمت سرقة المقاعد التي كانت ممتدة بامتداده، وتلف بعض أركانه وانهدام بعضها، أصبحنا لا نملك إلا التساؤل حول مستقبل الكورنيش، وعما إذا ما كانت الأحول ستتجه إلى ما هو أسوأ.