يكتبها: كمال النجمي
ما أجمل العودة إلي القديم وذكريات الزمن القديم ورجال الزمن القديم وأخلاق الزمن القديم، هذا ما أسمعه حين يستوقفني الناس في الشارع، ويثنون علي ما أكتب عن ذكرياتي عن نجع حمادي، بل ويسألونني في فضول محبب لي عن الشخصيات التي اعتزم الكتابة عنها، وأنا أرجع ذلك إلي حب الناس لقديم الذكريات، فإن هذه النوعية من البشر قد أختفت، وهذه الدرجة من الأخلاق قد تراجعت، فلقد عشنا زمانًا كان فيه الكبار يقولون فنسمع ويأمرون فنطيع ويحكمون في الأمور فنذعن لأحكامهم.
ومن هؤلاء الكبار رجل جمع بين الحسم القاطع، فكان كبير قومه وقبيلته مسموع الكلمة، نافذ الرأي، لا يؤمن بأنصاف الحلول وفي مقابل ذلك تبدو له شخصية أخري ملؤها الحنية اللا متناهية وطيبة القلب الفطرية.
إلي جانب ذلك وقبل كل ذلك شياكة في الهندام ووجاهة في المنظر وحلاوة في السمت لا تقارن،تاريخ طويل كبير مؤثر فعال ودروس مستفادة من سيرة رجل متعدد العطاء فهو عضو مجلس الأمة عن دائرة الرئيسية 1968، ثم عضو مجلس الشعب عام1971 وحتي 1976، وعضو لجنة اعداد الدستور عام 71، وعضو الاتحاد الاشتراكي لمحافظة قنا، ومن مؤسسي الحزب الوطني الديمقراطي في عهد الرئيس السادات.
هو النائب محمد رشاد خلف الله، الذي ولد 1912 بقرية نجع سالم في شرق نيل نجع حمادي، ونشأ في بيت كريم توارثوا منصب العمدة بالناحية أبًا عن جد، وترشح لمجلس الأمة ونجح وأصبح عضوًا بارزًا، بل وساهم في حل العديد من المشكلات الاقليمية، ولم يكن ترشحه للمجلس لسد فراغ معين ولكن من أجل خدمة حقيقية لأبناء شرق النيل، والدليل علي ذلك أنه تبرع بقطعة ارض فضاء لإنشاء مدرستين ابتدائية واعدادية، وتبرع بجرار لجمعية الاصلاح الزراعي.
وتبرع أيضًا خلف الله، بـ3 قراريط لبناء الوحدة الصحية بقرية البرارة، ولعب الدور المنوط به والأكبر في الصراع القبلي الموجود بالناحية مما كان له الأثر الايجابي فيما بعد، فكانت حياته مثيرة للتأمل وجديرة بالتسجيل لدرجة انك تبقي في حيرة لماذا تأخرنا في الكتابة عن النائب رشاد وماذا عن حياته الخاصة.
للنائب رشاد أربعة أولاد، وهم عصام وخالد رحمه الله، وحاتم وأحمد، وله سبع بنات، وكان في أسرته مهاب الجانب مسموع الكلمة لا يرد له طلب له هيبة من عند الله يشعر بها من يلتقي به أول مرة ولا تزول في المرات القادمة.
كان له نشاط اجتماعي كبير فهو صديق لوجهاء وكبراء البلد وهو منهم كالتاج فوق الرءوس فهو من مؤسسي جمعية الوعي الاسلامي، وأنشأ مدرسة نجع حمادي الثانوية الخاصة المعروفة بـ مدرسة الدباح من قبل، فلم يترك مناسبة اجتماعية إلا وشارك بإيجابية.
أقنع الحكومة من قبل بإنشاء خط سكة حديد يوصل بين بلاد شرق النيل وشركة السكر لتوصيل القصب، وسمي الخط بـ خط النائب رشاد، بل وأنه حث الحكومة علي ترميم كوبري نجع حمادي في الثمانينات من القرن الماضي.
له اصدقاؤه المقربون، وهم النائب عبد النبي الشعيني والعمدة حمدي عمران والعمدة سيف النصر عمدة أولاد نجم وقتها، وفوق كل هذا يجد وقتًا مسروقًا من مسئولياته ليشاهد مباراة في كرة القدم وهو من مشجعي الأهلي الكبار.
بني له ولأسرته عمارة في أحد أهم الشوارع الرئيسية في نجع حمادي وعرفت بإسمه ولم يشأ النائب رشاد، أن يورث أولاده من بعده عضوية البرلمان، كما أنه لم يتدخل في توجه أبنائه الدراسي فتركهم وما يختارون لأنفسهم.
تري هل كتبت من تاريخ النائب ما يستحق؟ لا أظن فهذا سطر في كتاب عنوانه، محمد رشاد خلف الله سيرة رجل من الزمن الجميل، وإلي اللقاء في الحلقات القادمة من سلسلة حلقات السيرة أطول من العمر.