هل تستطيع أن تؤدي عملًا ما دون أن تبصره جيدًا.. هل بوسعك أن تحلم دون أن ترى الواقع، هل تستطيع تدرب مجموعات من الأطفال والكبار دون ان تراهم، هل تستطيع ان تلعب لعبة قتالية دون أن تري من أمامك، كل تلك التحديات تعرض لها هنداوي محمد خليفة، لاعب ومدرب لعبة الكونغ فو الكفيف بمحافظة قنا.
عندما تفقد الأمل، وتتقطع بك السبل، ويتملكك اليأس، وتشعر أن الحياة توقفت، يكفى أن تنظر الي هنداوي صاحب العقد الخامس من العمر، الذي تحلي بالصبر والحلم والكفاح وتحدي إعاقته البصرية، فقرر أن يقاوم المستحيل ويواجه إعاقته ليثبت فوزه في صراع الحياة، ليكون أول لاعباً ومدرباً في اللعبة القتالية بـ”الإحساس” دون ان يري.
فمن إحدي قري محافظة قنا جنوب مصر، وبالأخص قرية الترامسة غرب مركز قنا، فواحدة من أعظم قصص الكفاح وتحدي الصعاب، فرجلاً يبلغ من العمر 48 عاماً، فقد نعمة البصر منذ 9 سنوات، إلا أنه تحدي ظروف الحياة الصعبة، وقرر ان يستمر في هوايته بل ويطور من موهبته في لعبة الكونغ فو.
هنداوي محمد أحمد خليفة، البالغ من العمر 48 عاماً، متزوج وله من الأبناء ثلاث، كان موظفاً في وزارة الري، لكنه أحيل علي المعاش المبكر، لاعب ومدرب كونغ فو، فقد بصره منذ مايقرب من الـ9 سنوات، إلا أنه لم يتوقف يوماً عن ممارسته لعبته وهوايته التى لطالما عشقها.
هنداوي الموظف الأسبق بوزارة الري، كان أحد أهم لاعبي الكونغ فو بمحافظة قنا، لسنوات طويلة، الي جانب وظيفته الحكومية، إلا أنه أصيب بحمي شديدة اثناء ممارسته لإحدي التدريبات بقرية ابنود جنوب محافظة قنا، مما أدي الي فقدانه لبصره.
وبحسب الكابتن هنداوي كما يحب أن يناديه الأخرون، فإنه أصيب بالعمي حينما حُسده أحد الأشخاص الجالسين اثناء إحدي التدريبات بمركز شباب بقرية ابنود، قائلاً”واحد قالي ربنا رزقك الصحة والقوة والبصر مرة واحدة فوقعت علي الأرض وأصُبت بالحمي حينها فقدت بصري مرةً واحدة”
فقدان هنداوي لنعمة بصره، لم يقف حجر عثرة بهذا المجال، بل استطاع أن يخلق لنفسه عالم نجومية خاص به، لا يستطيع أن ينافسه به أحد، فراح يعمل على تعليم وتدريب الشباب بمجاله الذي عكف عليه منذ صغره “لعبة الكونغ فو”
ويضيف هنداوي، أنه يلعب لعبة الكونغ فو منذ عام 44 عاماً، بدأ اللعبة في نادي الإصلاح الزراعي التابع لقصور البرنس يوسف كمال بمركز نجع حمادي شمال محافظة قنا، لافتاً الي انه يعشق اللعبة ومازالت مستمر في اللعبة حتي اخر نفس في عمره علي الرغم من كونه مكفوفاً.
وأشار هنداوي، أنه يلعب اللعبة بالأسلوب القديم مثلما تلعب في كوريا واليابان والصين، حيث أنه يلعب اساليب عديدة من اللعبة، مثل الطائر الأبيض والأفعي الكوبرا، والنسر الجارح والتنين والفراشة ولن يترك اللعبة وهوايته مهما حدث.
وأردف هنداوي، إنه يمتلك عزيمة تمكنه من ممارسة هواياته مهما كانت الصعوبات التى يتعرض لها، قائلاً”طالما فيه نفس وإرادة لا يمكن أن ييأس الإنسان من اي شيئاً”
وأكد هنداوي، إنه يمارس اللعبة وهوايته يومياً، سواء لاعباً او مدرباً، قائلاً”انا بدرب كل يوم من بعد صلاة الفجر حتي العاشرة صباحاً، يومياً لازم أدرب لو بطلت يوم اتعب، التدريب واللعبة هي اللى بتخفف عليا، التمرين هو اللى صاحبي زي ماكنت زمان ايام ماكنت مفتح وبشوف لأني مولعاً باللعبة منذ الصغر”
وأفاد هنداوي، إن اللعبة تعتبر حياته التى تخفف همومه، ويتلغب بها علي اي صعاب، سواء إعاقته أو حياته، رافضاً ان يجلس في منزله بعد أن اصابته بالمرض قائلاً”إرادتي وعزيمتي هي الأقوي من مرضي”
وذكر هنداوي، إنه يلعب ويدرب شباباً وأطفالاً علي لعبة الكونغ فو، وهنالك العديد من اللاعبين الذين تدربوا تحت أيديه وحالياً يدخلون العديد من البطولات والمسابقات، منوهاً الي انه يلعب اللعبة بـ”إحساسه” لأنه يري بقلبه وليس ببصره.
وأورد هنداوي، إن الحياة رحلة كفاح وقصة نجاح، ولا بُدّ للإنسان أن يتسلّح بالإرادة؛ من أجل الوصول للهدف سواء كان صحيحًا البدن أو معاقًا، قائلاً “تسلّحت بروح الإيمان والعزم والصمود أمام فقدان بصري، فكان التفوق العلمي سر نجاحي، وتحقيق هدفي الذي سعيت إليه جاهدًا، وأوغلت في حب مجالي هذا”
وأكد هنداوي أنه من الصغر يفضل الاعتماد على نفسه، فهو لا يفضل أن يعيش عالة على المجتمع، وذلك السبب القوي الذي دفعه إلى التصميم أن يكون متواجدًا بسوق العمل وتدريبه للشباب الجدد المبتدئين .