كتبت: مريم أيوب
ودّعت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية صباح اليوم أحد أعمدتها الراسخة ورموزها الروحية الكبيرة، نيافة الأنبا باخوميوس، مطران البحيرة ومطروح والخمس مدن الغربية، ورئيس دير القديس مكاريوس السكندري بجبل القلالي، الذي رحل بعد مسيرة حافلة بالعطاء والخدمة.
وخلال صلاة الجناز، ألقى قداسة البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، كلمة مؤثرة وصف فيها نيافة الأنبا باخوميوس بأنه “شيخ المطارنة والصوت الحكيم في المجمع المقدس”، مؤكدًا أنه كان مثالًا فريدًا في الأمانة والخدمة والمحبة.
وقال البابا تواضروس: “على رجاء القيامة نودع الأنبا باخوميوس، ونسترجع تاريخه الطويل في خدمة الكنيسة والوطن. فقد كان محبًا للتنمية، واسع الأفق، أسّس مدارس ومستشفيات ومركزًا للتنمية الريفية في دمنهور، وتحوّل إلى ما يعرف اليوم بـ(مزرعة المطرانية).”
وأضاف قداسته أن الراحل كان شغوفًا بالتعليم اللاهوتي، فأسس كلية القديس أثناسيوس اللاهوتية بدمنهور عام 1992، والتي امتد نشاطها إلى فروع في السادات ومطروح وكنج مريوط، كما أنشأ معاهد متخصصة في الكتاب المقدس والألحان والموسيقى، تخرج فيها عدد كبير من الآباء والكهنة.
ووصفه البابا بـ”النسر الطائر” نظرًا لنشاطه الكبير داخل مصر وخارجها، إذ خدم في السودان، وإثيوبيا، وإنجلترا، حيث أسس أول كنيسة قبطية في أوروبا بالعاصمة البريطانية لندن، وكان حاضرًا في كثير من اللقاءات الرعوية والمؤتمرات العالمية.
وفي ختام كلمته، قال البابا تواضروس وقد اغرورقت عيناه بالدموع: “أودّعه كأب حبيب، أودع فيه النموذج والقدوة، وأودع فيه الوداعة والمحبة والشجاعة والخبرة، أودع فيه الفكر والحكمة، وعلى رجاء الإيمان نودعه إلى السماء، طالبين تعزية الله لنا جميعًا.”
وقد شاركت القيادات الكنسية والشعب القبطي في وداع أحد أبرز رجال الكنيسة في تاريخها المعاصر، الرجل الذي لم يكن مجرد مطران، بل منارة مضيئة ونموذجًا نادرًا للوفاء والنشاط والرؤية المستقبلية.