جمع “الشامي والمغربي” خلال 40 عاما.. الحزن يخيم على مقهى أحمد حلمي بعد رحيل صاحبه

أجيال تسلم أخرى، بائعون وتجار وأطباء وصحفيون ومدرسون وموظفون، شباب وشيوخ، يرتادون مقهي أحمد حلمي، أحد أقدم المقاهي بمنطقة التحرير، وسط مدينة بنجع حمادي، واعتاد الجميع على رؤية صاحب المقهى المعلم أحمد، أو “أبو عماد” يجلس على الرصيف المقابل، يدخن “الشيشة” ويتابع عمله، ويتجاذب أطراف الحديث مع رواد المقهى، الذي يعرفهم بالاسم والعائلة.

على مدار أربعة عقود، ظل المعلم أحمد حلمي، الذي قدم من قرية الشرقي بهجورة ليعيش في المدينة، يستقبل زبائنه يوميا، ماعدا نهار الجمعة من كل أسبوع، وأول أيام عيدي الفطر والأضحى، حتى بعد تقدمه في العمر، وتولي أبناءه مهمة إدارة المقهى، ظل حلمي يتواجد يوميا، يتابع العمل بنفسه، ويوجه الأبناء، ويمنحهم خبرته في المهنة.

ومنذ أيام قليلة، غادر عالمنا المعلم أحمد حلمي، عن عمر جاوز 65 عاما، فخلت المقاعد، وأغلق الباب الذي ظل مفتوحا لمدة 40 عاما، وذهب جميع رواد المقهى إلى عزاء “أبو عماد”، الذي أحزنهم رحيله، بقدر ما أحزن أبناءه.

ترك المعلم أحمد حلمي وراءه سمعة طيبة، وسبعة أبناء من الذكور، عملوا جميعا في المقهى، وتربوا فيه، ورغم اشتغال بعضهم في أعمال تجارية ووظائف أخرى، إلا أنهم ظلوا يداومون على العمل بالمقهى كما كانوا منذ صغرهم، ليستكملوا مسيرة بدأها أبوهم، حتى رأي أحفاده يتسلمونها منه.

على مدار ساعات اليوم، ترى زبائن المقهى من مختلف الفئات، ففي ساعات الصباح الأولى يتجمع البائعون من السوق المجاور للمقهى، وحلقة السمك، يتناولون إفطارهم، ويشربون شاي الصباح، وبعد الظهيرة تجد الموظفين العائدين من أعمالهم، ليلتقطوا أنفاسهم ويستعيدوا بعض السكينة في آخر اليوم، أما في الليل، فيجتمع قيادات قطاع التعليم، والصحة، والإعلام، وأعداد من الشباب، لمشاهدة المباريات، أو للجلوس والتسامر، بعد أن اجتذبهم التطورات التي أحدثها “حسن” و”علي” أصغر أبناء حلمي القائمين على إدارة المقهى.

عرف المعلم أحمد حلمي جميع رواد مقهاه، وعرفه الجميع، ربما كان حادا بعض الشيء، لكن حدته هذه تخبئ خلفها طيبة رجل اختبر الحياة وعايش الناس بمختلف أنواعهم، يعرف الأصول ويتمسك بها، فصار مقهاه علامة مميزة من علامات المدينة، اكتسب تميزه من صاحبه.