قال الشيخ أمين الدشناوى، المدّاح المعروف، إنه بدأ مشواره فى مدح النبى محمد وآل بيته فى التاسعة من عمره، قبل انتقاله إلى القاهرة فى السبعينيات لتسجيل صوته على شرائط كاسيت، والتى حقق بعدها الشهرة والانتشار.
وكشف «الدشناوى»، عن سفره إلى دول كثيرة حول العالم، حيث أحيا حفلات لمدح النبى، ما أتاح له مقابلة العديد من الزعماء والرؤساء، على رأسهم الفرنسى جاك شيراك، الذى كرمه، بجانب الزعيم الراحل محمد أنور السادات.
■ بداية.. متى بدأ مشوارك مع المديح؟
- وأنا ابن ٩ سنوات، منحنى الله الموهبة منذ الصغر، فأرشدنى شيوخى إلى استخدام صوتى «فيما يرضى الله». وأنشدت فى حب رسول الله لأول مرة أمام عدد من المهندسين العاملين فى بناء مصنع السكر فى مركز «دشنا» بمحافظة قنا.
ثم سافرت إلى محافظة القاهرة، عام ١٩٧٧، بعدما طلب منى أحد ملاك شركات «الكاسِت»، أن أسجل له بعض الأشرطة بصوتى، ومن هنا حققت الانتشار والشهرة.
■ مَنْ شيوخك الذين ذكرتهم؟
- هم كُثر، لكن أبرزهم الإمام محمد أبوالفتوح العربى الإدريسى، شيخ «العصبة الهاشمية»، والعارف بالله أحمد أبوالحسن عبدالرحمن، والشيخ الحاج أبوالحسن، وكلهم من أشراف الصعيد.
■ إلى أى الطرق الصوفية تنتمى؟
- فى الأساس «العصبة الهاشمية»، لكننى أحب وأقدر كل الطرق الصوفية الأخرى.
■ هل يشترط أن ينتمى المدّاح أو المنشد لطريقة صوفية بعينها؟
- المدّاح يغذى روح الإنسان بمدحه، لذلك يشترط أن يكون إحساسه عاليًا وروحه هائمة متجلية، وانتماء المدّاح إلى طريقة صوفية يربى روحه ويرقيها، حتى يصبح شيئًا فشيئًا يمدح من داخله.
■ هل ترى نفسك مدّاحًا أم مُنشدًا دينيًا؟
- أنا مدّاح للنبى، ولست منشدًا دينيًا، والفارق بين الاثنين تعبر عنه مقولة: «ليست النائحة الثكلى كالنائحة المستأجرة».
■ كيف يواجه المديح الأفكار المتطرفة؟
- المديح والطرق الصوفية عمومًا يمثلان وسطية الإسلام، وينبذان العنف والتطرف، وفيهما الحب والسماحة، والجميع يحضر حفلات المديح والإنشاد الدينى من أجل الحب، ومن وجهة نظرى، العالم كله محتاج إلى التصوف ونشر تعاليمه، لمواجهة التطرف والعنف فى العالم.
■ البعض يحرّم الموسيقى.. ما رأيك؟
- الأزهر الشريف حسم الخلاف حول تلك القضية، عندما أباح الموسيقى طالما لن تُخرج الإنسان إلى إطار آخر غير أخلاقى وغير دينى، وأنا شخصيًا أرى الموسيقى أحد أوجه الفن، الذى يرقى الروح ويهذبها، هى رسالة سامية، ونعمة ربانية.
■ ما تفاصيل علاقتك بالشيخ الراحل محمد متولى الشعراوى؟
- دعانى ذات مرة لأمدح النبى أمامه، وبالفعل ذهبت إلى منزله وتشرفت بلقائه، لكن الغريب، أن الشيخ اندمج مع صوتى للغاية، خاصة عندما أنشدت قصيدة «عطر اللهم روض المصطفى»، وفوجئت ببكائه بعدما انتهيت منها.
■ ما البلاد التى سافرت إليها للإنشاد والمديح؟
- فرنسا، والسويد، وألمانيا، وليبيا، وتونس، والجزائر، والمغرب، بالإضافة إلى العديد من دول الخليج العربى، وأنشدت داخل كل بلد زرته العديد من القصائد فى مدح سيدنا النبى محمد، وأصحابه، وزوجاته، وآل بيته.
■ ضمن رحلاتك الكثيرة.. أى المواقف لا يغيب عن ذاكرتك؟
- لا أنسى أبدًا تكريمى من الرئيس الفرنسى جاك شيراك، بعدما تلقّيت دعوة من وزارة الثقافة الفرنسية، للمشاركة فى احتفالية عيد الجمهورية الفرنسية، وهناك وقفت على مسرح «شاتليه» الذى وقفتْ عليه كوكب الشرق، أم كلثوم، لأصبح بذلك ثانى عربى يقف على هذا المسرح العريق.
■ وفى رحلاتك الخليجية؟
- عندما سافرت إلى دولة الكويت الشقيقة، حصلت معى «كرامات»، من ضمنها أنى قُلت فى يوم الحفل لأصحابه أن يؤجلوه إلى الغد، وكررتها وأنا لا أعلم سبب طلبى ذلك، فقالوا: «لماذا؟، نحن مستعدون ووزعنا التذاكر على الجمهور»، فأخبرتهم: «باكر باكر»، وبالفعل تم التأجيل، لنفاجأ بأن نزل المطر وهدم مكان الحفل بالكامل، ففرح الجميع فرحًا شديدًا، وقالوا: «الحمد لله إننا سمعنا كلامك يا شيخ».
■ مَنْ الرؤساء الذين قابلتهم؟
- تقابلت مع العديد من رؤساء الدول العربية والأجنبية، أبرزهم الرئيس الفرنسى جاك شيراك، والرئيس السودانى عمر البشير، والرئيس البطل محمد أنور السادات.
■ ما كواليس لقائك مع الرئيس السادات؟
- رحب بى جدًا، وطلب منى أن أتعاون مع القوات المسلحة فى مختلف احتفالاتها، وأن أحييها بالمديح، لكنه استشهد وانتقل إلى رحمة الله قبل أن نتمم الاتفاق بيننا بأيام.
■ ماذا عن السفر إلى إيران لإحياء حفلات هناك؟
- دُعيت إلى السفر لإيران لإحياء حفلات هناك، مقابل ملايين الجنيهات، ولكن قبل إتمام الاتفاق وكتابة العقود، أخبرتهم: «عندما أصل للتجلى، قد أقول مدد يا سيدنا أبوبكر، مدد يا سيدنا عمر، ويا سيدة عائشة»، فوجدتهم ينفرون منى، فقلت: «يالا مع السلامة»، ولم أسافر إلى إيران إطلاقًا.
■ ما رأيك فى الشيعة واحتفالاتهم؟
- نحن صوفيون، نحب النبى، وآل البيت، والصحابة، وزوجات رسول الله، لكن الشيعة لديهم مشاكل كبيرة مع قطاع كبير ومهم من الصحابة وآل البيت، لذلك أنا ضدهم وضد احتفالاتهم.
■ لماذا تضع يدك اليسرى على نصف وجهك وتغمض عينيك فى حفلاتك؟
– حينما أفعل ذلك أكون قد وصلت لقمة الحالة الروحانية التى تنتقل إلى جمهورى، وأفعل ذلك منذ بدأت المديح وأنا صغير، وبصراحة «بنسرح» أنا وجمهورى فى ملكوت واحد، خاصة عندما أستمر مغمض العينين طوال الحفلة، التى قد تصل مدتها ٥ ساعات متواصلة.
■ ماذا ترى عندما تُغمض عينيك أثناء المديح؟
– أرى أنوارًا، وتجليات، وصفاءً.. أرى الحب.
■ هل تنتمى إلى نقابة الإنشاد الدينى؟
– لا، لست عضوًا فيها، لكننى عضو فى نقابة المهن الموسيقية، ورغم دعوتى من قبل «الإنشاد الدينى» لأحصل على عضويتها، لكننى لم أوافق.
■ كيف تقيم علاقتك بجمهورك؟
– هى على أفضل ما يكون، لأنها نشأت على الصدق فى القول، فما خرج من القلب وصل إلى القلب، وما خرج من اللسان لا يتجاوز الأذن، فأنا أخرج قصائدى من قلبى، لذلك تدخل إلى قلب جمهورى مباشرة.
■ هل دُعيتَ للمشاركة فى أى من فعاليات الدولة؟
- نعم دُعيت لتأييد قواتنا المسلحة، وبالفعل أنشدت لجيش بلدنا ولمصر، وقلت: «مصر بلدى حبها فى كبدى».
■ أى الألقاب التى أطلقها عليك جمهورك الأقرب إليك؟
– لقبونى بـ«ريحانة المدّاحين»، ومدّاح رسول الله، وخادم المديح الشريف، لكن اللقب الأول هو الأقرب لقلبى، لأنه أُطلق علىّ بسبب أسلوبى الذى يصعب تقليدهُ.
■ كيف تختار لحن كل قصيدة تنشدها؟
- ليس للأمر وسيلة محددة، فقد أجد اللحن فى ليلة المدح، وهذا الفرق بين المنشد والمدّاح، فالأول يؤدى، أما الثانى فيصل إلى قلبك كل ما يتغنى به فى حق الممدوح الأعظم، صلى الله عليه وسلم.
■ هل تشترط حصولك على مبالغ معينة؟
- إطلاقًا، لا أشترط أى مبالغ مالية فى إحياء الحفلات، وأترك ذلك الأمر بـ«البركة» أثناء الاتفاق على الليلة.
■ ما طقوسك التى تحرص عليها قبل الصعود إلى خشبة المسرح؟
– كثرة الصلاة على سيدنا النبى.
■ ماذا يمثل لك الصعيد وأهله؟
- أهالى قنا ومركز دشنا ومحافظات الصعيد، ومحافظات وجه بحرى جميعهم قريبون لقلبى، فمصر عامرة بمحبة النبى وآل البيت.
■ هل أثرت أى شخصية سياسية فيك؟
- لا، فأنا ليست لى علاقة بالسياسة، ولا أعرف عنها شيئًا.