بتوقيت النجع
حددت وزارة الأوقاف موضوع خطبة الجمعة اليوم 12 سبتمبر 2025م، الموافق 20 ربيع الأول 1447هـ بعنوان:
«اترك عند الناس أطيب الأثر»، وذلك ضمن سلسلة زاد الأئمة والخطباء التي تصدرها الوزارة أسبوعيًا لتوحيد موضوعات خطبة الجمعة.
وأكدت وزارة الأوقاف أن الهدف من الخطبة هو التأكيد على المسئولية المشتركة للفرد والأسرة والمجتمع، وأن يترك كل إنسان أثرًا طيبًا في حياته يبقى ذكره بعد وفاته، مستشهدة بقول الله تعالى:
> {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ}.
وفيما يلي نص الخطبة الاسترشادية كما نشرته وزارة الأوقاف:
—
الخطبة الأولى
الحمد لله رب العالمين، القائل في كتابه العزيز:
{إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ}،
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله القائل:
«كلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته، فالإمام راعٍ وهو مسئول عن رعيته، والرجل في أهله راعٍ وهو مسئول عن رعيته، والمرأة في بيت زوجها راعية وهي مسئولة عن رعيتها، والخادم في مال سيده راعٍ وهو مسئول عن رعيته، وكلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته».
أيها الأحبة في الله:
إن من أعظم ما يميز حياة الإنسان أن يترك فيها أثرًا طيبًا يُذكر به بعد رحيله، وقد قال الشاعر أحمد شوقي:
وإنما الأمم الأخلاق ما بقيتْ … فإن همُ ذهبتْ أخلاقهم ذهبوا.
عباد الله:
إن الحياة مسئولية، والمسئولية أمانة، والإنسان فيها مطالب أن يؤدي دوره بما يرضي الله عز وجل، فيكون نافعًا لنفسه ولغيره، وأن يسعى إلى أن يترك أثرًا طيبًا من بعده.
وقد قال تعالى: {فمن يعمل مثقال ذرة خيرًا يره * ومن يعمل مثقال ذرة شرًا يره}.
والمسئوليات متنوعة:
مسئولية الفرد عن نفسه.
مسئولية الآباء والأمهات عن أبنائهم.
مسئولية المجتمع عن بعضه البعض بالتكافل والتعاون.
وقد ضرب القرآن الكريم أمثلة عديدة لأشخاص تركوا أثرًا طيبًا باقيا:
مؤمن آل ياسين الذي جهر بالحق ونصح قومه.
النملة التي حذرت قومها من الخطر حرصًا عليهم.
ذي القرنين الذي سعى في الأرض بالإصلاح.
وجاءت السنة النبوية لتؤكد ذلك، حيث شبه النبي ﷺ المجتمع بالسفينة فقال:
«مثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة، فأصاب بعضهم أعلاها، وبعضهم أسفلها، وكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم، فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقًا ولم نؤذ من فوقنا، فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعًا، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعًا».
أيها الأحبة:
إن أثر الإنسان الطيب لا يقف عند حياته فقط، بل يمتد بعد وفاته كما قال النبي ﷺ:
«إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم يُنتفع به، أو ولد صالح يدعو له».
—
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين،
عباد الله:
إن من أعظم صور الأثر الطيب أن يحافظ الإنسان على حقوق الآخرين، ومن ذلك ما جاء في حديث النبي ﷺ حين قال:
«إياكم والجلوس في الطرقات»، فقالوا: يا رسول الله ما لنا من مجالسنا بُد نتحدث فيها، فقال رسول الله ﷺ: «فإذا أبيتم إلا المجلس فأعطوا الطريق حقه»، قالوا: وما حق الطريق يا رسول الله؟ قال: «غض البصر، وكف الأذى، ورد السلام، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر».
فالطريق حق مشترك، لا يجوز التعدي عليه، ولا مضايقة الناس فيه، ولا الاعتداء على حرمته، بل الواجب أن يكون طريقًا آمنًا يسير فيه الناس مطمئنين.
وإذا كان الطريق له هذه الحقوق، فإن ذلك يؤكد أن الإسلام دين عظيم ينظم حياة الناس في أدق تفاصيلها، ويرشدهم إلى ترك الأثر الطيب في كل مكان.
فالمسلم الحق يحرص على أن يُذكر بخير، وأن تبقى أعماله الصالحة شاهدة له بعد رحيله، عملاً بقوله تعالى:
{إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ}.
اللهم اجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، ووفقنا لترك الأثر الطيب في حياتنا وبعد مماتنا، واغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين أجمعين.
