في مشهد مؤثر يحكي عن حسن الخاتمة، ودّعت قرية المقربية التابعة لمركز قوص بمحافظة قنا، الشيخ عبدالحميد شحاتة، مؤذّن المسجد المتطوع، الذي لفظ أنفاسه الأخيرة عقب انتهائه من رفع أذان المغرب، حيث صدح صوته بالشهادتين قبل أن يسكن إلى الأبد، تاركًا خلفه أثرًا طيبًا وذكرى لا تُنسى.
الشيخ عبدالحميد، الذي قضى أكثر من خمسين عامًا من عمره في خدمة المسجد، معروف بين أهالي قريته بوجهه البشوش، وخلقه الكريم، وتواضعه الجم. لم يعرف الكِبر طريقًا إلى قلبه، بل كان دائم الابتسامة، حاضرًا في كل مواقف الخير، يرتبط اسمه دائمًا بالعطاء والمحبة.
يروي أحد أهالي القرية: “كان الشيخ عبدالحميد محبًا للقرآن، لا يترك صلاة، وكان المسجد بيته الثاني.. رفع الأذان للمرة الأخيرة بصوته الهادئ، ولفظ الشهادتين، ثم أسلم روحه بهدوء وكأن روحه اختارت أن ترحل من حيث أحبت دائمًا.. من بيت الله.”
تحوّل المسجد بعد الأذان إلى ساحة عزاء، امتلأت بجموع المحبين، كبارًا وصغارًا، يودّعونه بقلوب دامعة. وفي جنازته، تصدرت الجموع الصفوف التي طالما أمّها حيًا، ليصلّوا عليه في مشهد مهيب، طغى عليه الصمت والدعاء.
وفي المقابر، لم تكن الدموع وحدها حاضرة، بل كانت كلمات “لا إله إلا الله” تسبق كل خطوة نحو مثواه الأخير، دعاءً له بالرحمة ومغفرة الرحمن.