تولى نيافة الحبر الجليل الأنبا كيرلس مسؤولية أسقف نجع حمادي وتوابعها منذ ما يقرب من 45 عاما، شهد خلالها فترة رعاية البابا شنودة الثالث، ومن بعده البابا تواضروس الثاني، كما عاصر 5 رؤساء للجمهورية، وتعامل مع عدد من المحافظين، وكان شاهدا على تغيرات الحياة السياسية والاجتماعية والدينية في نصف قرن.
التحق بالدير قبل الرهبنة
ولد الطفل شكري رزق حنين في مركز منفلوط التابعة لمحافظة أسيوط، في 24 من سبتمبر عام 1948، وكان ميالا للالتزام الديني والانضباط، وبعد أن كبر الصبي وصارا شابا، وأنهى دراسته الجامعية بالحصول على بكالوريوس التجارة في جامعة أسيوط، انتقل إلى خدمة الكنيسة في مركز أبو تيج، والتحق بعدها بدير الأنبا بولا في الصحراء الشرقية، التابع لمحافظة البحر الأحمر.
عين ناظرا للدير وهو علماني، أي قبل أن يلتحق بسلك الرهبنة وذلك لشدة حرصه وأمانته، حتى جاء يوم 17من أكتوبر عام 1973 حين قرر الشاب الأسيوطي أن ينذر حياته للرهبنة وتعاليمها ويلتحق بالدير كراهب باسم أنطونيوس الأنبا بولا.
الراهب الشاب يصير أسقفا
ظل الراهب أنطونيوس يخدم ديره ويتعبد في قلايته لمدة عامين، حتى 26 من ديسمبر 1975، حين تم سيامته قمصا، وعين وكيلا لدير الأنبا بولا بالبحر الأحمر، وأظهر القمص أنطونيوس كفاءة عالية في الإدارة وتحمل المسؤولية، رغم سنه الصغيرة، ما جعل قداسة البابا شنودة الثالث، بطريرك الكنسية الأرثوذوكسية المصرية حينها، يقرر سيامة الراهب القمص أنطونيوس الأنبا بولا، في 29 من مايو 1977 الذي صار اسمه بعدها الأنبا كيرلس، أسقفا لإبرشية نجع حمادي وفرشوط وأبو تشت وتوابعها، الذي كان عمره وقتها 29 عاما.
جاء الأنبا كيرلس إلى نجع حمادي ليجد أمامه مهام عدة ومسؤوليات كبيرة، في أبرشية ليست بالصغيرة أو النائية، بل واحدة من أهم أبرشيات الكنيسة المصرية، وتحتاج إلى الكثير من الجهد، فبدأ في خدمة الشعب، ولم يفرق بين المسيحيين والمسلمين، واهتم بإعمار دير الأنبا بضابا، وزراعة الأرض التابعة له، وتطوير كنيسة مار يوحنا الحبيب، وبناء كنيسة العذراء مريم بمدينة نجع حمادي، كما أولى اهتماما بكنائس القرى وخدمة شعبها.
45 عاما.. مواجهات حادة وعلاقات طيبة
واجه الأنبا كيرلس العديد من الأحداث الصعبة خلال خدمته في نجع حمادي، أبرزها انتشار الجماعات الإرهابية عقب اغتيال الرئيس الأسبق محمد أنور السادات، ثم أحداث مذبحة نجع حمادي، التي راح ضحيتها 7 أشخاص بينهم 6 مسيحيين، وكادت أن تحدث فتنة كبيرة، وكذلك ثورة 25 يناير عام 2011، و30 من يونيو 2013، واستطاع الأسقف أن يحافظ على هدوء قراراته وانضباط شعبه.
وعقب مذبحة نجع حمادي الشهيرة، رفض الأنبا كيرلس مغادرة المدينة قبل دفن كل جثامين الضحايا، رغم استدعاءه رسميا من قداسة البابا شنودة من أجل تأمينه، كما أنه خرج مترجلا من مقر المطرانية وجلس على الرصيف من أجل تهدئة بعض شباب الأقباط الغاضبين بعد الأحداث.
حظي الأنبا كيرلس، مطران نجع حمادي، بعلاقات طيبة مع القيادات التنفيذية والشعبية في المحافظة، ابتداءا من العمد ومشايخ القرى، والمحافظين المتعاقبين، ولاسيما اللواء عادل لبيب، محافظ قنا ووزير التنمية المحلية الأسبق، فضلا عن قربه من عائلة الشيخ أبو الوفا العريقة، والدعاة الأسلاميين، وأبرزهم الشيخ الزليتني، والشيخ عبد الصبور، والشيخ عبد الغفار.
شارك أسقف نجع حمادي في مؤتمر توطيد العلاقات الإسلامية المسيحية بعد واقعة نشر مجلة دنماركية لرسوم مسيئة للرسول محمد (ص)، وهو أيضا نائب رئيس مجلس إدارة بيت العائلة بنجع حمادي، الذي يعنى بحل النزاعات الطائفية وغيرها، وتنظيم حملات توعية بأهمية المعايشة السلمية.