لم يجلس في منزله لينتظر مساعدة من أحد، ولم تمنعه إعاقته من العمل والتعلم والزواج والإنجاب، وأن يعيش حياة طبيعية كباقي البشر، يبتسم في وجه الجميع، ويصفه جميع جيرانه بالطيبة، لديه حلم بسيط وهو ألا يكسب قرشا بطريق غير مشروع.
محمد عبد الرحيم نوح، شاب في أواخر الثلاثين من عمره، مقيم بمركز الوقف، أراد الله له أن يولد مصابا بإعاقة في السمع والنطق، لكنه لم يسمح لهذه الإعاقة أن تتحكم في حياته، أو تقعده عن العمل، فترك منزل أسرته وهو في السابعة من عمره، وعمل مع سائقي السيارات الأجرة بمركز الوقف، وتعلم قيادة السيارات “الكبود”، إلى أن قرر العمل كسائق، عبر خط المراشدة – الوقف.
اعتاد المترددون على موقف السيارات الذي يعمل به الأسطى نوح على رؤية وجهه البشوش يوميا، وتفاهموا معه عن طريق الإشارات، واستطاع هو بفطنته أن يقرأ حركات الشفاه، وظل في عمله منذ 30 عاما، إلى أن تزوج وأنجب 4 أبناء.
“بتوقيت النجع” قابل الأسطى نوح، الذي استقبلنا بحفاوة، وتواصل معنا من خلال الكتابة، وقال إنه يحمد الله كثيرا على النعم التي حباه بها، وأنه رزقه بسيارة تمكنه من الإنفاق على أسرته المكونه من 5 أفراد.
ابتكر نوح نظام إضاءة داخل سيارته، ليتمكن من التعامل مع الجمهور أثناء قيادة السيارة، عن طريق أزرار يستخدمها الراكبون لتنبيهه حين النزول، وأوضح أنه “لا يدقق” في طلب الأجرة، قائلا: “اللي معاه يدفع واللي مش معاه ميدفعش مش هكون أنا والدنيا على الناس”.
يرفض نوح أن يغالي في الأجرة، بعد ارتفاع أسعار الوقود، وذكر أن مكسبه اليومي حوالي 50 جنيها، يحمد الله عليها، موضحًا أن كل ما يتمناه هو ألا يكسب مالا بطريق غير مشروع، وأنه لن يقبل أن يطعم أولاده من حرام.