بقلم: كمال النجمى
من يوم إلي يوم ومن حين إلي أخر، تثبت الحقائق والأدلة والشواهد أن نجع حمادي مدينة لها تاريخ وبها رجال كتبوا تاريخًا من نور بأحرف من ذهب، وصنعوا مجدًا لا يقارن وسطروا بعلمهم وأدبهم وعملهم ونبوغهم وذكائهم أجمل سطور في كتاب التاريخ المعاصر.
ليس تحيزًا لنجع حمادي ولا ميلا لعنصرية وتشجيعًا لقبلية ولا تعصبًا لمدينتي نجع حمادي، أقول أن نجع حمادي مدينة العلماء والأدباء والشعراء والقادة والعائلات، بل أني أراها هي المتميزة علي مستوي صعيد مصر بتاريخ رجال صنعوا لها الخلود.
ومن هؤلاء الرجال، رجل من بيت أصيل وشخصية أكشف عنها اليوم بعد طول اهمال منا لتاريخها وقيادة تاريخية من قيادات الشرطة المصرية، ازيل التراب والغشاوة عنها حتي تبدو في ثوبها القشيب تاريخًا يقرأ للاجيال.
اللواء عبد الرحيم علي أحمد قنديل، أحد أبناء بيت قنديل العريق وأحد قيادات الداخلية المصرية في عهدها الذهبي، عهد أحمد رشدي وحسن أبو باشا وسيد فهمي والنبوي اسماعيل، واحد القيادات التي دفع بها الزعيم الراحل جمال عبد الناصر لتأسيس وبناء أسس الشرطة في سوريا الشقيقة أيام جمهورية الوحدة العربية، كذلك هو من الجيل الذي ذهب إلي اليمن الشقيق بعدما نالت استقلالها ليبني أسس الشرطة في جمهورية اليمن الشقيق.
هو من أوائل الذين بنوا لأنفسهم مجدًا عسكريًا في تاريخ نجع حمادي فهو يعتبر أول أبناء نجع حمادي التحاقًا بالشرطة، حيث ولد اللواء عبد الرحيم قنديل في نجع حمادي عام 1923،
وهو من بيت كبير ضارب في جذور الأصالة، بيت قنديل حيث جده محمد بك اسماعيل عمدة نجع حمادي، الذي بني علي أرضه مسجد نجع حمادي العتيق، وابن بيت قنديل بيت النواب والعمد والقيادة والريادة والتاريخ والأصالة.
تخرج قنديل من كلية الشرطة عام 1945، وخدم لمدة ثلاثين عامًا في جهاز سيادي كبير قبل وبعد الثورة حيث أنه عاصر ملك ورئيسين لمصر، وحين نضع عنوانًا لهذه الشخصية الاستثنائية، أو نضع أيدينا علي مفتاح شخصية هذا الرجل نجد أنه يمكن وصفه في ثلاث كلمات (انسانية -صراحة-تواضع).
شخصية جمعت بين الحزم والحسم والطيبة والحنية، فهو قائد منظم منضبط وأب بسيط محب لأسرته يفصل بين عمله الشرطي وبين بيته واسرته، جعل من بيته في ميدان التحرير الشهير بالقاهرة ملاذًا لأبناء نجع حمادي، لا يرد أحدًا جاء إليه طالبًا خدمة أو مقيمًا عنده في بيته، أو يساعد كل من طلب مساعدة مهما كلفه ذلك من وقت وجهد.
كان قنديل، صديقًا للإذاعي فهمي عمر وللصحفي الراحل كمال النجمي والمهندس حمدي الطاهر، كما كان صديقًا لوزيري الداخلية، اللواء احمد رشدي واللواء حسن أبو باشا
وفي نجع حمادي، كان صديقًا للمهندس ياسين هاشم مدير منطقة الإصلاح الزراعي والمهندس أنور شمروخ.
عبدالرحيم قنديل، هو شقيق حمدي قنديل احد القيادات التعليمية السابقة بنجع حمادي، ومحمد رشاد قنديل، وتزوج وعاش معظم حياته في القاهرة، وله من الذرية الصالحة أبن واحد و 4 فتيات، وهم العقيد علي وقد توفي رحمه الله، ونعمت خريجة كلية الالسن قسم اسباني وقد عملت بوازرة هامة بالدولة، وليلي خريجة كلية الزراعة، والدكتورة عامرة، خريجة طب القصر العيني، وناهد، خريجة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية.
عاش قنديل بسيطًا يسمع كوكب الشرق ام كلثوم ويحب المسرح، وويحب نجع حمادي يزورها من وقت لأخر، وعاش رجلا مهيبًا ورجلا أمنيَا يشار إليه بالنيان، تحمل الكثير من الصعوبات في عمله لكنه كان كالجبل الصامد والشجرة المثمرة تؤتي أكلها كل حين باذن ربها.
عاش حياة قصيرة إذ توفي عام 1975 وودعه أحبابه وأهله وأصدقاؤه في جنازة مهيبة لتطوي صفحة من الفخر والعزة والريادة والشهامة والقيادة والأصالة.. وإلي لقاء اخر في سلسلة السيرة أطول من العمر.