بتوقيت النجع
بقلم: كمال النجمى
هناك برنامج كنت استمع إليه في الإذاعة اسمه حكايات الشوارع، وكان المذيع يختار في كل حلقة اسم شارع شهير في القاهرة ويحكي عن سبب التسمية، ومن هو الشخص المسمي باسمه هذا الشارع، مثل شارع فؤاد وشارع عبد الخالق ثروت وصلاح سالم والخليفة المأمون وهكذا.
وأنا بدوري اسرد سبب تسمية مدرسة الشهيد خيرت القاضي بهذا الاسم، ورغم قدم مسمي المدرسة من عام 1970 وحتي الأن، بما يقرب من 53 عامًا، إلا أن الكثيرين من سكان نجع حمادي بل وطلاب المدرسة لايعرفون من هو الشهيد خيرت القاضي.
كل إنسان عاش من أجل فكرة أو من أجل هدف لابد أن يخلد اسمه في سجل الخالدين ليكون قدوة وعبرة لكل الأجيال اللاحقة، وشخصية اليوم هي شخصية استثنائية عنوانها الانضباط والالتزام والتفاني في العمل وحب الجندية، حيث كانت العسكرية تجري دماء في عروقه، وكان العمل العسكري هو محور حياته، هكذا عاش بطلنا الشهيد حياته بأعماله وإنجازاته.
الشهيد النقيب محمد خيرت محمد الصادق محمد عبد الكريم القاضي، من آل القاضي بقرية بهجورة في مركز نجع حمادي شمالي محافظة قنا، والده الشيخ محمد الصادق الشهير الشيخ صادق القاضي من علماء الأزهر الشريف وحاصل علي الشهادة العالمية، وكان شيخ بهجورة المعروف بعلمه وتقواه، وعمه العمدة محمد مختار عبد الكريم القاضي عمدة بهجورة، وأيضًا عمه القاضي الشرعي محمد كامل محمد عبد الكريم القاضي، قاضي المحاكم الشرعية العليا بأسيوط.
نشأ البطل الشهيد في اربعينيات القرن الماضي في قرية بهجورة، وعاش مرحلة الطفولة والشباب في قريته، وتربي علي القيم ومبادئ الدين من والده الشيخ صادق القاضي، وتعلم في مدارس بهجورة العتيقة التي بناها داود باشا ومنيرة هانم تكلا، ومازالت هاتان المدرستان علامتين لمدارس محافظة قنا.
التحق القاضى بالكلية الحربية ليتخرج منها عام 1963 برتبة الملازم، والتحق بالخدمة في كتائب القوات المسلحة في فترة فاصلة من تاريخ مصر، وخدم في الجيش الثاني بالإسماعيلية والجيش الثالث بالسويس، وشارك في حرب 1967، ثم استقر في العمل بالمنطقة الجنوبية بمنقباد، وفي هذه الفترة كان البطل قد عقد قرانه علي عروسه.
ولكن يشاء القدر بأن يستشهد البطل محمد خيرت القاضي أثناء غارة إسرائيلية علي منقباد وهو ما يزال في سن الزهور، ويستشهد لنعيش مرفوعي الرأس، وكان استشهاده في يوم الاثنين الثاني من فبراير عام 1970 الموافق السادس والعشرين من ذي القعدة من عام 1389 هجرية، وقد كرمته الدولة ممثلة في السيد رئيس الجمهورية بمنحه وسام نجمة الشرف العسكرية.
كانت ثقافة الشهيد عديدة، حيث كانت قراءاته معظمها دينية بحكم النشأة في بيت عالم ازهري، إلي جانب كونه محبوبًا من أهله وكان يصل رحمه بشكل متواصل، ففي كل إجازة من وحدته العسكرية يزور أقاربه جميعًا، وعلي المستوي العسكري كان شجاعا لايهاب أحدا ولايخاف إلا الله، وكان معظم أصدقائه من أقاربه ببهجورة
إن الشهادة هي أسمي مراتب الجهاد، فلايوجد أغلي من الروح والنفس ليجود بها الإنسان،
وعندما يصل الإنسان إلي درجة التضحية بها من أجل الله أولا ثم الدين ثم الوطن فقد وصل إلي مكان العليين في الجنة وهذا وعد الله له.
إن ذكري استشهاد البطل ستبقي عالقة في القلوب والأذهان، ولن ننسي بأي حال من الأحوال ذكري الشهيد، فلقد كان البطل الشهيد أمام خيارين، إما النصر ليعيش بعزة وشموخ وحرية واستقلال، أو الشهادة والكرامة والبطولة.
يكفيك فضلا أيها الشهيد الأجر الكبير من الله عز وجل، ويكفيك أن يحشرك الله مع الأنبياء والصديقين وأن تشفع لسبعين من اهل بيتك، والأن هل عرفنا لماذا سميت مدرسة الشهيد خيرت القاضي بهذا الاسم؟
وإلي اللقاء في الحلقات القادمة من سلسلة حلقات السيرة أطول من العُمر..
